الأحد، 10 يوليو 2016

إلى صاحب المنطق السليم

      

يغادر كليته الإنسانية بعدما أنهى دروسه لهذا اليوم وتوجه تلقاء مختبر الكيمياء متبخترًا سعيدًا بسماحهم له بتجربة دخول المختبر لأول مرة وصنع البنزويك!
يصل ويرفض لباس أهل الكيمياء الذي يحميه حال الخطأ، رأى المواد أمامه على الطاولة بأنواعها الكثيرة ويده خالية من ورقة التعليمات التي تدله على مبتغاه..
شَعرَ بثقته تتحطم أمام العناصر وهزّهُ كلام المُختص بأن خطأ بسيط في مختبرنا قد يودي بحياتك وربما حياة غيرك!
انسحبَ وهو يتعوذ من تهوره الذي كاد أن يقضي عليه..

وفي الجانب الآخر طُلِب من أحدهم أن يكتب قصيدة موزونة من البحر الخفيف لينشروها له..
ولكنه وقفَ متحيرًا ضائعًا فهو لم يُحب العربية يومًا ولا الشعر، ولا يفقه معنى البحور؛ فأنى له كتابة قصيدة!
فاعتذرَ لعجزه..

تقابل الرجلان وكلّ يحكي موقفه للآخر، وأخذهما الحديث إلى ذكر رأي عالم دين في مسألة فقهية ولم يكن لهما باع في هذا العلم..
ولكنهما طفقا يناقشان المسألة ويردان قول العالم تلو العالم ويستدلان بآيات وأحاديث وإحساسهما يعمل مساعدًا لهما في عملياتهما حتى أصدرا قولًا جديدًا متبجحين بأن من حقِّ كل واحدٍ أن يُعملَ عقله وليس الأمر محصورًا بالعالم..
أخذا رأيهما وطبقاه في حياتهما واتبعا قناعاتهما وأقنعا غيرهم من الجهلة!
الأمر بسيط جدًا معهما، لم يك يحتاج إلى دراسة الأصول والقواعد والفروع والمنطق واللغة، كان بإمكانهما أن يصبحا فجأة عالمي دين دون تعقيد..
كانت السطحية تعشش فوق عقولهم عندما انتبها للخطر الآني والمادي، ولم يفكرا بالخطر الأعظم الذي قد يتأخر ولكنه حتمًا سيأتي..
اعترفا بعجزهما في مكان واغترا في مكان آخر غفلةً بالتناقض الذي يشع منهما..

في الماضي كنتُ أحسبُ أن الصراع والتسابق في طرح الأقوال والأراء الدينية محصورًا في (سوالف) مجموعات الواتساب التي كنت أسمع عنها، وتنشر بسهولة (يجوز ولا يجوز) اجتهادًا دون عمل..
الآن أصبح هذا صيحة العصر وحتى غير المهتمين بالتفقه وعلوم الدين- من الشباب والجامعيين والقراء- يدخلون نقاشات كبيرة ويحللون ويصلون إلى رأي ويثنون على احترام وجهات نظر بعضهم بعضا ليس بقصد المدارسة ولكن بقصد العلم والعمل..

وكما قالوا:" ما بس العالِم فيه عقل"

فتفكروا يا أولي الألباب..

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...