الأربعاء، 10 أغسطس 2016

إلى المربي

الرفاهية التي تحيط ببعض المجتمعات فتجعلهم لا يألون جهدًا في تذوق كل سلعة جديدة مع التسابق في الامتلاك.
وككل أمر في الأسرة فإن الوالدين يسعيان ليكون لأولادهم ما يتمنونه وما حصل عليه غيرهم حتى لا يشعر الأبناء بالنقص والتقصير!
وكتربية على مد العينين إلى ممتلكات الآخرين وتمني مثلها فإن الآباء يسارعون في جلب كل ما رآه ابنهم مع ابن فلان وأصرّ على أن يكون من نصيبه أيضًا.
يبدو الأمر جميلا في ظاهره ولكن ربما هذا علم الدنيا السطحي فقط.
إذا تسللنا إلى البيوت وشكاوي الأهل من انتكاس أبنائهم وطلباتهم التي تتطور يومًا بعد يوم والتي يمكن أن نضرب لها مثال -ليس على سبيل الحصر- رغبة الفتيات المُلحة في اتباع كل موضة نزلت والأفكار التي تكبر أعمارهن وقد تكون الملابس التي ترغب بها عند خروجها!
أما الذكور فقد يتمثل في عرض عضلاتهم وسوء تعاملهم وحوارهم مع الآخرين وربما أفكارهم الدفينة التي لا تظهر لغفلة الأهل.
هنا يجلس الوالدان في حيرة من أمرهما، من أين تعلم الابن كل هذا وأين رأه وهو ربما في مجتمع خال من هذه الأمور؟
يتسألان لماذا يفقد أبناؤنا التركيز ويقل معهم الذكاء وقد لا يكترثون حتى بدراستهم.
يقضي الآباء حياتهم ممسكين بدعاء الهداية لأبنائهم ويتضرعون لله وهم لا يدرون أنّ اتخاذ الأسباب يبدأ منهم وأنهم قد يكونون السبب في ضياع هؤلاء الأبناء دون انتباه منهم.
الهواتف في أيدي المراهقين -الذين لا يتعب الكثير من الأهل أنفسهم بالقراءة عن كيفية التعامل معهم-  والأيباد مع توفر شبكات الانترنت وغياب التربية العقائدية والمراقبة الإلهية والذاتية بسبب سيطرة العشوائية على عقول الناس.
يفتح الابن ما يشاء وهو سعيد بأن لا أحد يراقبه من أهله ولا أحد يسأله، يتحدث مع مَن يشاء وربما تحدث مع فتيات مراهقات مثله لأنه يحب تقليد ذاك الرجل الذي رأه في المسلسل الفلاني.
قد يصل الأمر إلى فتحهم المقاطع اللأخلاقية ويدمنون عليها والأهل يبكون في سجادتهم على أحوالهم.
وهم لا يدرون أن الحرية تحتاج إلى توازن، فنراهم يتدخلون في شؤون خاصة لأبنائهم لا يمكن أن يتخذ قرارها غيرهم ويضيقون عليهم حياتهم بشعار المصلحة، وفي الوقت ذاته يدللونهم بهذه الالكترونيات القاتلة في يد الجهلة الذين غابت عنهم المراقبة وأصبحوا يقومون وينامون عليها ولا لوم لقدراتهم العقلية والعملية التي تنهار مع الوقت.
ضياع قدرات الشباب والدمار المحيط بالعالم قد يكون هذا سببه ببساطة.
المشاكل المنزلية والانحرافات المتتابعة والصدمات التي قد تلحق الوالدين يومًا ما من سلوكيات أبنائهم قد يكون سببه هذا الاستهتار في إهداء الأبناء هذه الالكترونيات لإسعادهم وثم تركهم يغوصون داخلها دون أدنى مراقبة.

ماذا سنفعل بعد هذا الكلام؟

الأحد، 7 أغسطس 2016

وخضعتِ القلوبُ لكلماتك

آمنتُ أنّ الأصوات الناطقة بالحقِّ لا بُد من أن تقف بوجهها جموع تحاول قمعها، عمدًا أو بغير عمد..
وحريٌّ بهذا أن يجعل  صاحب الحقّ قويًا ثابتًا وحكيمًا يتفحص كلماته قبل إخراجها لئلا تكون وبالًا عليه وعلى أفكاره.

أكرمنا اللهُ بحضور مجالس شيخنا حمود الصوافي والشيخ محمد الغاربي -حفظهم الله ونفعنا بهم- فكانوا لنا منهجًا مُطبقًا للأخلاق القرآنية، فما سمعنا يومًا أحدًا منهم  يذكرُ نفسه بمدح ومثالية ويقول أنا ونحن وفعلتُ وفعلنا وهكذا..
بل إنّ من تواضعهم ليشعرونك بأنك أكبر منهم منزلة وبألفاظهم الدافعة كمثل :" أنتم تعلموننا، أنا لا أعرف في هذه الأمور التي تخص جيلكم، اذهبوا لفلان واسألوه -وهو من طلابهم-.." 
يخفضون لكَ الجناح ويتقنون فن إدخال الكلمات في القلوب، وكلماتهم تردد :" ما أفلح قوم لم يقدروا علماءهم"..
مدارس أخلاقية لا تشعرك بالابتذال كما يفعل بعض طلاب العلم وهم يبتغون الخير ولكنهم يميلون عن المنهج القويم الذي نراه عند مشايخنا..
أمسكتُ يومًا كتابًا يحوي نصائح دينية نافعة، فتفاجأ سمعي بصراخ كصراخ المنبر لا صراخ الورقِ..
أغلقتُ الكتاب امتعاضًا من الأسلوب المُستخدم رغم قوة لغته، وتفكرتُ:" ماذا لو سخرنا أساليب الكتابة الإبداعية في ترسيخ ديننا في الكتب بعيدًا عن عشوائية الكتابة التي تُنذر بفناء قريب للكتاب وإن انتشر أيما انتشار في وقته الآني.."
يبلغُ بي الأسف أوجه عندما أرى أصحاب الفكر المستقيم في ذيل قائمة المبدعين كتابة..
نراهم في ميادين التذكير فتتمثل لنا صورة المثالية عندَ المُخاطِب والاتهام  للمُخاطَب..
عجبًا من نصيحة تقول نحن كنا نفعلُ كذا ونحنُ أفضل بكذا وأنتم الآن لستم مثلنا وتُخِلُّون بكذا، حتى يشعرَ السامع بأصابع الاتهام تقتلع ثقته ورغبته في التغيير فينفر..
ولو سأل طالب العلم نفسه وهو يفصح عن هدفه السامي بصدق نية::" ما الحاجة أن نضع أنفسنا في صورة المثالي والقدوة للآخرين؟
لماذا لا نتهم أنفسنا  قبل أن نثور على السامع المسكين؟" لخضعت قلوب السامعين لقوله المتين..

شتّان بين تعاملنا مع التذكير وتعامل العلماء..
والغريب أن الأشخاص الذين يدعون إلى اتباع رأي العلماء يتفننون في رد الأقوال وتخطئة أهل العلم ويصورون ذلك بكلمات برّاقة كمثل:" كيف يمكن لذاك العالِم أن يغفل عن هذا، وكيف أخطأ في ذلك، وكيف لمثله أن يقول كذا... " وهلم جرا
ويضحكون ويشعرون بإنجاز اكتشاف أمر جديد وقد نسوا أنهم يتحدثون عن شخص أفنى عمره ليتخصص ويبحث في ذلك العلم ليأتوا هم الذين بدأوا من أشهر يبحثون في هذا العلم بين وقت وآخر متقطع ليسخروا من رأيه..
لا ترد رأي عالم حتى إن لم تقتنع بكلامه، اتبع كلام غيره مما بيّن لكَ الثقة أنه أقرب للصواب وأرجح ودع عنكَ الرد والسخرية من الآراء الأخرى.. ما دام قوله مأخوذًا به ولا يُناقض تنزيه.
علينا أن نتريثَ ونحن نتفوه بالألفاظ التي أصفها بالخطيرة..
أن يأتي شخص فتح كتابين دينيين ويصنف لك هذا فسق وهذا غفلة وهذا خسيس المنزلة وهذا وهذا..
فلنتوقف.. هذه الأعمال ليست لنا ولسنا موكّلين بها..
تستطيع أن تُذكِّر دون هذه الإسقاطات التي يزعم الكثير أنها على الأفعال ولكن يخرجون ويسقطونها على الأشخاص، وغالبًا لا يكون هذا في الأعمال المحرمة الظاهرة المعروفة.. بل كثيرًا ما يكون في ترك نوافل وما وسّع الشرع على الإنسان..
وهذا نتاج سوء الظن الذي ندعو بتركه ونمارسه!
" رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه" 
فوقف عند قدره ولم يأخذه الغرور ولا الحماس وتفكّرَ قبل أن يتكلمَ ويخوض..
ليسَ الحل أن نصمت ولكن أن نعرف كيف نتكلم ونتعامل، ولنا في العلماء قدوة في تعاملهم مع الآخرين ومن ضرورات اتخاذهم قدوة أن نتذكر أنهم علماء فيعرفون ما يقولون عندما يصفون الأشياء بضعف إيمان وفسق وخروج من الملة وغيره..
علينا بأخلاقهم كلها وبكلامهم ما نطيق وما ننقله عنهم حرفًا بلا زيادة ولا نقصان وفي مكانه المناسب.

وختامًا، وإن وصلت -يا طالب العلم- لمرتبة شامخة في الحكمة والأسلوب في النصيحة لابد أن يزيغ أحدهم عنك ليُخرِس فاهكَ عن الحق وليصرفك عن الدعوة فاثبت ولا تكترث ودُم مُراقبًا لنفسك.

الأمة تقوم بشبابها، فلنبذل الأسباب المستقيمة!

ميعاد الحارثية

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...