السبت، 14 مايو 2022

إنما الصبر عند الصدمة الأولى

       *إنما الصبر عند الصدمة الأولى*

أكتبُ هذه الكلمات بعدما فاضت نفسي من الصدمة والأسى على ما يكال على ديننا الإسلامي العظيم، ولم أك لأكتبها إلا بعدما شهدتُ انجرار مَن نعرفهم بالالتزام على الدين لصيحات مشوهة لا تريد إلا هدم ركائز الدين، فهي ليست للمكابرين وإنما لمن ضُلل عليهم وهم ينشدون الحق.

-هل المشرك يدخل الجنة؟

أجزم أننا لو طرحنا هذا السؤال في وقت غير هذا الوقت لنُظر علينا بالاستنكار والاستهزاء حتى من الذين سيجيبون بالإيجاب الآن. اتفقت كُل الأمة الإسلامية منذ القدم أنّ الجنة لا يدخلها إلا مسلم. هل كان اتفاق الأمة بسبب أنهم يوزعون صكوك الجنة أو أنهم يتعصبون لدينهم أو لأنهم مرضى قلوب بلا رحمة؟ 

كلا، هم فقط يحكمون بما حكم الله وبما ذكره الله في كتابه العزيز، الذي لو تمعنا فيه لما تخاصمنا وتحاربنا على أمر يعدّ من بديهات الإيمان وركن أساسي في هذا الدين. 

{ومَن يبتغ (غير الإسلام) دينا *فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} 

{إن الدين عند الله *الإسلام* } 

{إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم} 

وكثيرة جدا هي آيات الله التي توضح هذا الأمر لمن أراد الحق. 

وإن قلنا بأن أهل الكتاب وأهل الشرك يدخلون الجنة فما فائدة الدعوة للإسلام وما فائدة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما فائدة القرآن؟ لماذا يدخل النصارى واليهود الإسلام وهم يكفيهم أن يحسنوا لغيرهم وسيدخلون الجنة؟ فليبقوا على اعتقادهم فهم لا يؤدون الصلاة ولا يصومون ولا يؤتون الزكاة وهذا لا ريب هو أقل جهدا عليهم. تالله إنّ هذا لزعم عظيم وتحسبونه هينا. 

إن كانت الأمور واضحة لهذه الدرجة ويسرها الله للأفهام، فلماذا حدثت تلك الضجة؟ لأنك ضعيف أيها الإنسان، ضعيف جدًا تجرك عاطفتك حتى تجعلك تميل عن عقيدتك الثابتة، وتجعلك - والعياذ بالله- ترى الحكمة والرحمة في غير ما أراده الله، فانتبه. 

ولأن هناك من مرضى القلوب من يستغلون كل حدث لتشويش حقائق الدين وإبعاد المسلمين عن دينهم، فيذكرون لك آية:" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ويزعمون أن كُل هؤلاء سيدخلون الجنة وإن اتبعوا كتبهم المحرفة، والحقيقة أنّ هذه الآية إنما تذكر أحوال الأمم التي جاءت قبل بعثة النبي والتي لم تصلها حجة الإسلام، فمن رحمة الله بهم أنهم إن بقوا على الإيمان الصحيح الذي جاء من الأنبياء السابقين فهم في أهل الإيمان. وإن زعمتَ غير ذلك فأنت تحكم بالتعارض على آيات القرآن.

فلنتأمل في أوضاعنا، إن كانت عقيدتنا هُدمت لفقد غريب فماذا سيحدث لها لفقد القريب؟ ولنا في قصص الأنبياء عبرة ومنهم نبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) إن إبراهيم *لأواه حليم*﴾، إبراهيم كان حليما ولم يك قاسيا لأنه تبرأ من أبيه لأنه خالف دينه الإسلامي: ﴿ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن *كان حنيفا مسلما* وما كان من المشركين﴾. 

وإني لأعجب لحال المُعاند الذي يُبصّر بحكم الله ثم يصر على رأيه، وكأن الجنة ليست بيد الله الذي حكم عليهم بحكمته وعدله. 

وهذا الحكم الأخروي لا يتعارض أبدا مع القسط والبر والإحسان لمن هم على غير ديننا بل هو أمر من أوامر الإسلام، والتعامل الحسن ومشاعر الفقد والحزن وذكر المناقب الحسنة من فطرة الإنسان التي فطره الله عليها وهو من خُلق نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام. 

لكن لا يجعلنا هذا الحزن نغيّر حُكم الله، لأن عبادة الله فوق كُل شيء. ولو جاء شخص غير مسلم عُرف بكثرة الخير والإحسان إلى الناس ولكنه يرى من خلفيته التأريخية المزعومة أنّ أرض المقدس هي حق لإسرائيل لدعونا عليه بجهنم، فكيف بالإنسان الخيّر الذي ينقص من كمالات الله ويزعم أنّ لله ابنا ويشرك بالله غيره، أنهوّن حق الله؟ 

مع التنبيه أننا لا نجزم بالجنة والنار على الشخوص لأنه أمر الله ولكننا ندين ونؤمن بحكم الله أنه مَن مات على غير الإسلام فلن يدخل الجنة ولا نعاند وندعو للمشرك بالجنة وقد سبق حكم الله عليه. 


بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...