السبت، 17 أكتوبر 2015

أما آن أن ننتفضَ كفلسطين!



منطرح على جناح الأدب، يُشرّقُ ويُغرّبُ بي بين أسراب الحروب..
همستُ لنفسي: فلسطين أكبر إلهامًا من أن تمرّ مرور الكرام ولا تجبرنا على الكتابة؛ فهي التي تعدت مفهوم الكرام الملطخ في زمن الفساد إلى ما هو أعظم، لن أسميه لئلا أحرمه حقه؛ فكل معنى يسرق عظمة فلسطين..

مَن قال إنّ الشعر ليس ينفعنا وينفعهم، أليس مَن يُجيد إحراقنا ليرخي قلوبنا على محطات الوجع؟ 
أليس المجرم الذي نُحب..
أليس هو وأخوه النثر سببًا في تهافتنا:
أما آن أن ننتفض كفلسطين؟

أرأيتَ كيف يُحبُّ الفلسطيني الذي ما فهم الفراق أحد مثله..
أكان سيجعل توافه الحياة تُحيل بينه وبين أحبته وبصره حديد لا يغفل عن البين؟
أتراه ينخدع بطول الأمل ويتقاعس عن الظفر بقلب سليم..

الفلسطيني يا صاحِ لا يرى الحياة جسرًا قاحطًا لا يُزهر..
رغمَ العناء، يبني!
أتستهزئ ببنيانه الذي قد يُهدم في غمضة عين؟
مسكين أنت.. لا تدري أنّ البناء يجعله أكبر منّي ومنك قرونًا مديدة من الكرامة والعزة..

هل رأيت طفلنا الكبير واقفًا بحَجره أمام جند كثير وعدة حصينة؟

هل استشعرتَ ضعفك حينها..
..
أم أخذت الدهشة لبّك من ثباته الطاغي على الجبال!
أترانا نحمل ثباته أمام أهوائنا وسخرية الناس من التزامنا ومخاوفنا..

أيا مَن غلبت عليه أوهام التعاسة والحزن والوجع والتذمر.. أما رأيت فلسطينيا طريحًا بدمائه مبتسم الثغر مستبشرًا، يصدع بالتكبير ليسحق كلّ ألم قد يحاول الاقتراب منه..
هلّا نظرت إلى عينيه..

عيناه اللامعتان بالنور.. أيّ قوة تحملها ترهب العدو فيهرب كأنه حمر مستنفرة فرّت من قسورة!
أيّ عطف وحنان نستمد من عينيه..
تأمل..

أجعلتَ قلبك مكان الأم التي تدعو بشرف الشهادة لابنها وتحثه للدفاع عن وطنه..
أتحسبها تحمل قسوة قلوبنا التي تبخل على نفسها بجهاد خفيف..

أبكيتَ على دينك وغفلتك وتخاذلك عندما اطّلعتَ على وجه الشهيد الحي..

أما أهلكتك نشوة الطمع لتظفر بما ظفر به الصادق منهم..فتعمل!

أما آن أن نُحاسب أنفسنا، وألا نبخسها حقها من لذة الصعود والإنجاز..
أما آن أن نثبت أننا خير أمة ولا نركن لسفاسف الأمور..
أما آن أن نثور على أضغاث الأحلام من المتعة والترف قبل أن تنقضّ علينا وتهلكنا..
أما آن أن نصحو من نومنا الطويل قبلَ أن يتصل بنومنا في الأجداث..
أما آن أن نشعر بحياة الموت..
أما آن أن ننتفض كفلسطين!

أما آن...!

الخميس، 8 أكتوبر 2015

إلى صاحبي الغريق

إلى صاحبي الغريق:
اعمل بالآيات يا صاحبي..
الآيات التي تُخبركَ بحقيقتك، أنك إنسان!
إذا مسه الخير منوعًا، وإذا مسه الشر جزوعا
(منوعًا).. قد يكون الإنسان هكذا عندما يمنع نعمة الله عليه من التحدث عاليًا، عندما يبخل على رسم بهجة في قلوبِ أحبائه بكلمته الطيبة المتفائلة الشاكرة، عندما لا يقتنع أنّ الكلمةَ تأخذ مجرى عظيمًا في نفوس المحيطين به..
جزوعًا!
تلعنُ الحياة والناس والطبيعة لشرٍ كرهته وقد يكون خيرًا لك..
تقتلُ روحك المعطاءة قبل أجلها بسبب ابتلاء خفيف..
قد تدخل دائرة السوء عندما لا تُحسن الظن بالله!
الآيات -يا صاحِ- التي أخبرتك بحقيقتك هي نفسها التي علمتك كيفَ تسمو وتسعد وتصرخ بهجة.. هي نفسها التي استثنت المصلين والمنفقين والأُمناء من دائرة المنع والجزع!
هي نفسها التي علمتك اللجوء إلى ربّ القلب الذي أرهقته بكثرة شكواك وبؤسك، وهي التي أمرتك (بالصبر)..
أتفقه معنى الصبر يا صاح؟
أتحسبه هينًا، يأتيك راكضًا؟
الصبر هو أن تواجه المصاعب بتجلد. أن تُصبر نفسك يعني أن تضبطها وتمنعها من الانجرارِ إلى رغبتها في التذمرِ كلّ وقت..
الصبرُ إن كانَ في متناول الجميع لما جعله الله مفتاحًا لدخول الجنة بلا حساب، أما سمعتَ ثناءه تعالى على الصابرين؟
الذين أصابتهم البأساء والضراء وزلزلوا، الذين عرفوا الابتلاء حقًا وتذوقوا مرهُ ولذته، لا الذينَ بكوا على الأطلالِ والكلمة واللدغة..
فلتشكر الله أنّه لم يُصبك ما أصابهم..
الآيات تقول لكَ إنّ الإنسان كفور، وقليلٌ منهم الشكور.. انتبه، ليست تحثك على اتباع الكثرة ولكنها تُخبرك بأنكَ مُميز عندما تعترفُ بفضلِ اللهِ عليك وتشكر، ليس فقط باللسان، بل أيضًا بالعمل، بالرفق بقلبك المُثقَل بسببك، باتخاذِ أسبابِ الصبرِ التي وجدت في روح الآياتِ..
هدى الآيات التي علمتك الإيمان الحقيقي بالله بكافة تفاصيله، بيّنت لكَ ثمرة الإيمان عليك.. "فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسًا ولا رهقا"
لا تخف يا صاحِ.. كُن آية تتسامى في ملكوت الشكرِ والطمأنينة، جَنّد روحك على هذا ولا تبخس حقها من لذةِ الصبر الجميل..
كُن آية نيرة تُضئ الدربَ نحو النعيم..
وما أعظمه من نعيم!
"قُلِ الحمدُ للهِ" وابتسم.

والسلام
١٦/ ذو القعدة/ ١٤٣٦
#ميعاد

صراعُ إنسان

بينَ العدمِ والوجودِ حكاية إنسان تاهَ كثيرًا في ظلمات الجهل والتعب والغفلة، نظرَ حوله فرأى زيتونة مضيئة فاستظلّ تحتها زمنًا وأكل من ثمارِ نورها الشهي، لينعم بالرحمة واللطف والسكينة..
وقفَ يومًا متأملًا، أوصله قلبه إلى نهاية أشجار الزيتون المضيئة وارتعش جسمه شوقًا ورجاء أن يصلَ بسلام، مُحافظًا على طهره، وتاركًا أثرًا حسنًا لا يزول.. "في نهاية الدرب يوجدُ ثمر ألذّ"..
التفتَ قليلًا وسقط مغشيًا عليه من شدة ما لمحه.. أفاقَ مرددًا.."إنها السُبل!".. وأصبح يَعدّ كم زاغت قدمه وانغمست في وحلِ السبل المحيطة بدربِ الزيتون، ولم يحصها..!
تحمّر جسده واسودّ وجهه، ويكأنه سمِعَ نواحَ الغارقين أبدًا، المُلتحفين بسعيرِ غيهم، والآكلين من أشواكِ ظلمهم..
اصطرخ"معاذ الله!".. وقد ابتلّ جسمه فزعًا.. فإذا بسكينة ماطرة تنساب عليه وقد تبدد عجبه من زيارتها عندما تنبه إلى تمتمات لسانه ونبض قلبه  وهما يرددان:" الله.. الله.. الله.. الله"
خنسَ عنه الرعبَ الشديد وبقيَ بخشيةٍ لذيذة ورجاء مندفع..
حملَ زاده وأكمل مسيره في الصراط المستقيم ،وقبس من نور يظلّه، ودستور يحميه من الانحراف قيدَ شعرة عن مبتغاه...

شهيدةُ الحياةِ

إلى مكان قصيّ، ترنو خطاها، تتلفتُ يمنة ويسرة، ونحيبها يصدعُ في الأرجاء:" هل إلى خروج من سبيل من هذا المأزق العظيم".. تدنو من القنوط.. خوف وجزع!

...
تعود بمخيلتها إلى نشيج الطفل الرضيع، وتخبو شمعة الأمل قطرة قطرة؛ عندما تتذكر العالم الأصم الذي حولها، وتصرخ:"أنّى يسمع ندائي البشر!"


وكأنه الوحي وقد تمثل لها شظية من نور مبين يُسعف ظمأها المكنون.. إلى رحمة وعطف..
"لا تحزني! الله معكِ أينما كنتِ!، صبرًا فإنّ غنيمتكِ باقية خالدة في غرفاتِ آمنة.."

فتبتسم!


وتطييير روحها إلى سموات الجنان، لتنعم بفواكه وعيون، عند ملكٍ رحيم.
والحمد لله ربّ العالمين

*شهيدة في بلاد مغصوبة
#ميعاد

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...