الجمعة، 22 أكتوبر 2021

مشهد من وجه بائع

 ملأ سيارته بأنواع الغذاء الذي استطاعوا تحضيره لهذا اليوم ووقف مواجها الشارع بعدما ارتدى كمامته السوداء وقبعته الرياضية التي غطى بها جبينه.

كان حمد يحُب الليل، لم تك تزعجه حرارة الشمس التي تكاد تشعل رأسه ولكن  قلبه كان ينتفض كثيرا في النهار، تخترقه نظرات المارين فيشعر بالطعن المتتابع يحاول أن يهدم عزمه عن هذا العمل، ولطالما قال في نفسه كلما راودته الفكرة:"هل تريد أن تخيس في السجن يا حمد ويموت أهلك جوعا؟"

لم تك نظرات الشفقة هي التي تؤذيه، بل شعوره الدفين أنّها نظرات عابرة لا تلبث أن تنساه حتى قبل أن ينبض قلب صاحبها بالأسى عليه. 

في كُل لحظة كان يُحكم لبس كمامته، وهو يتمنى أن يطغى سوادها على صفحة النهار فيصيره ليلا دامسا لا يزول. 

تحاول عيناه انتحال بسمة للزبون القادم، تململ في وقفته وهو يحاول أن يجيب عن فضول الزبون، هذا الفضول الذي يكشف صفحته فيشعر أنّ جرحه يغور أكثر وأكثر. 

"ما شاء الله، أنت حمد بن سالم، أتذكر إنك تعمل في شركة نفط" 

-"نعم... كنت" 

-"عسى ما شر؟ لا تقل إنهم سرحوك!" 

-"..." 

يلجم السكوت الفضولي فيأخذ حاجته سريعا ويذهب ليبدأ الغليان في صدر حمد. 

لم تك هذه الأسئلة تتوقف أبدا، وكان الليل ينطفئ دائما ليزيح الستار عن الحقيقة التي حاول حمد إخفاءها...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...