الخميس، 29 أبريل 2021

إلى صُحبة القرآن

                               إلى صُحبة القرآن


إنّه اليوم ٢٩ من تحدي الكتابة، كان لابد أن أتحدثُ فيه عن أحبّ الأشياء إلى قلبي: صُحبة القرآن.

تُداهم الإنسان مشاعرٌ من التيه والوحدة، لا يكاد يُنقذُ نفسه من ألم حتى يسقط في آخر وهكذا دواليك.

أفقتُ على واقع أنّ الجامعة انتهت، صخب الأصدقاء اختفى، وكُل واحد اشتغل بحياته، قد يحدث أن تضيق بنا الحياة ولا نجد أحدًا؛ فكنتُ أتضرع إلى الله أن يرزقني صحبة صالحة، تعينني في طريق الصلاح المحفوف بالمكاره، وما أضعف الإنسان إن كان وحده.

شاء الله أن ألتحق ببرنامج النور لحفظ القرآن الكريم، يومَ أن فاتت الكثيرات فرصة التسجيل.

مضت الأيام ونحن نمشي على خطة مُحكمة في الحفظ، كان الأمر عاديا في البداية، فقد كانت هناك محاولات مهزوزة لإتقان الحفظ سابقا.

حتى بدأ النور يتسلل رويدا رويدا، وبدأت الأحوال العابسة من حولي تبتسم، بل أنا التي رأيتها تبتسم.

قلتُ لصديقتي:"لأول مرة أشعرُ بهذا الأمان، وأنا أحفظ كتاب الله بعزم".

بعد مُدة رأيتُ إجابة الله لدعائي، فتيات برنامج النور هُنّ الصحبة الصالحة، هُنّ رزق الله الذي ساقه لي برحمته.

قد يتصور الإنسان الصاحب أنّه الذي يسير ويجئ معه ويحدثه عن همومه ومشاكله، ويخبره بتفاصيل حياته.

لم يحدث هذا كُله، ولكنّي اكتفيت. 

أعجبتني فكرة أن تكون الصحبة قرآنية فقط، بعيدا عن مشاغل الدُنيا.

تتصل بي بُشرى، أسردُ لها محفوظي الأسبوعي ثم نُنهي المكالمة بدعوات وتثبيت وتحفيز.

وتتعهدني إن تخلفت عن إرسال تقاريري اليومية. هذا كُل ما يحدث وهو كُل شيء بالنسبة لي.

أشتدُ باتصال عبير وهي تسرد لي محفوظها وأُسبّح الله على إتقانها، وأحمدُ الله كثيرًا أن جعلني مَن أُسمّع لها لأتقوى بتلاوتها.

الآيات التي تتلوها كانت هي أعظم مواساة لي في متاعب أيامي. 

كنتُ أعرف عبير منذ أيام الجامعة، وكُنا نلتقي يوميا تقريبا ولكنّي لم أشعر بقُربها إلا هنا، في لحظة السرد.

تطمئنّ نفسي وأنا أرى تقارير هدى ومريم، ويثلج صدري جهود الشيماء وهاجر - جزاهنّ الله خير الجزاء عنا- وهنّ يخططن ويشجعن ويتواصلن لأجل هذا المشروع العظيم.


نعم، هذه صحبتي التي دعوتُ الله أن يرزقنيها، وهي خير الصحبة لأنها تفردت بابتغاء الآخرة فقط.

تواصُلُنا السريع من أجل أن تنهل قلوبنا من القرآن، هي أطهر صداقة على الوجود.


وأنتَ يا رفيقي، يحقّ لك الشعور بالأمان والرضى واليقين، يحقّ لعينيك أن تتفتح وتُبصر نضارة الأحوال والأشياء، فابدأ بمعاهدة كتاب الله وحفظه، فإنّ للحفظ روح لا تجدها في سائر التلاوات، وكله خير.

سيكون الأمر مرهقا لك في البداية، ولكنّ الله سيحبب لك هذا الطريق حتى تُضحي بكُل حب بالتجمعات والفعاليات من أجل أن تُتقن وردك، وستدمنه حتى تشعر أن بقاءك مربوط بارتباطك بالقرآن. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...