السبت، 3 أبريل 2021

شطرُ الكتابة٣: صناعة الإلهام٢

 اليوم الثالث:


شطرُ الكتابة٣: صناعة الإلهام٢


هذه المرة جعلتُ البعوض يقوم بعمله وأنا أراقبه،

قاومت كُل شعور بالحكة وتركته يطير مُعتدا بنفسه. كنتُ أرى فيه ذاك الإنسان الذي يخدرنا عن  كشف حقيقته بتزلفه وتملقه حتى إذا غرس طعنته وانتصر بدمنا ولّى هاربا إلى غيرنا.


نصٌّ قديم كتبته، في أيام أتذكرُ أنّي أُصبتُ فيها بمتلازمة الخيال، أصبحت الأشياء من حولي تُلقي إليّ المعاني الفريدة، تربطُ لي بإتقان حقيقة الواقع مع وهم الخيال.

كانت أياما ذهبية، كتبتُ فيها نصوصا مختلفة وخاصة في القصة القصيرة جدًّا، توثقت فيها علاقتي بسرّ صناعة الإلهام:

            "اقرأ، تأمّل ثم ركز"

القراءة تُعطيك دروسا تجريبية مجانية، تُسافرُ بك في أعماق الفنّ الذي تودّ الكتابة فيه، كيف بدأ الكاتب وكيف ربط أحداث الحبكة وكيف أشعلها وكيف تدرّج للخاتمة...

كُل هذه الأسئلة ستجعل عدوى الكتابة تنتقل إليك، لن تكتب أبدا إن لم تك نهما بالكتب.

ولكَ هدية عظيمة من التمعن في أسلوب الآيات القرآنية وألفاظها ومعانيها والإبحار في بلاغتها، كيف لا وهو أعظم كتاب تحدّى الله به جهابذة اللغة منذ الجاهلية، فلا تحرم نفسك من معينه غير المنقطع.


وأنتَ ترتع بين الكتب، لا تنس أن تنظر إلى الفضاء حولك، ستجد أدوات الكتابة قابعة حولك تنتظر الإشارة منك لتتحول إلى تحفة فنيّة من الكلمات البهية.

تأمّل، لا تتنازل عن صورة تمرّ حولك إلا وصنعتَ لها برواز المعنى الباهر، ألهِم نفسك، لا تنظر باعتيادية، هناك سرّ في كل شيء عليك إنقاذه، انظر إلى البعوضة بماذا ذكرتنا. 


وأخيرًا ركّز، اشحذ كُل عدّتك وقابل ورقتك بشجاعة، لا تشتت نفسك وأنت تريد أن تكتب، كُن شجرة لا تتحرك من مكانها ولكنها تُثمر بفاكهة نضرة طيبة. 

التركيز يُعطيك فرصة الغرق، الغياب عن الوعي، يُحرّض الحروف على الاقتراب، يجعل حبل أفكارك متينا ويجعلك تستمتع! 


وقبل هذا وذاك حدد غرضك من الكتابة. 


اكتب يا رفيقي ولا تخف، اكتبي يا ميعاد! 


#رسالة_منّي_إليّ

٢٠/ شعبان/ ١٤٤٢

٣/ إبريل/ ٢٠٢١


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...