الخميس، 8 أبريل 2021

الزم باب بيتك

 اليوم الثامن من #تحدي_الثلاثين


                              الزم باب بيتك


قد يوحي إليكم العنوان أنّ النص متعلق بكورونا، ولكن لا تستعجلوا فهناك حديثٌ مختلف.

بعض المواضيع ما زال الناس يلوكونها منذ سنوات وفي كُل مرة يتفاعلون كثيرا مع قائلها، وهذا أمرٌ حسن لعل كثرة الطرق تُغيّر من فكرة شخص.

مما أوحى لي خطر هذه القضية وقوفي أمام طلاب الابتدائية كُل يوم، تبينتُ منه أنّ هناك فطرة أو شهوة مُركبة في الإنسان تجعله يتدخل في حياة الآخرين بغير وجه حق.

غالب الفوضى في الصف كانت تبدأ ب:"أستاذة فلان يشرب، أستاذة فلان يأكل، أستاذة فلان يلعب بالقلم..." وهلم جرا.

رغم تحذيراتي المستمرة إلا أنّ هذا الأمر كان يتكرر، لكنّه خَفتَ بفضل الله وبدأ الطلاب يستوعبون الدرس: أنتَ مسؤول عن تصرفاتك فقط ما لم يعتدِ عليك أحد، راقب نفسك ولا تراقب الآخرين وإلا أصبح العقاب لك.

مضت الأشهر وبدأ الطلاب ينظرون باستنكار لمَن يتدخل في أمر زميله؛ فلم تعد هناك حاجة لتذكيري.

أتذكرُ يوما ذهبتُ لزيارة سريعة عند أحد أقربائي وكانت معهم امرأة غريبة، قالت لي:"ليش تلبسين هذا كله؟!"، لم أنظر إليها ولم أرد لكنّي تأسفت من بعض الناس يستنكرون الستر!

الكثير من البشر يأكلهم الفضول، يمدّون أعناقهم ليتحسسوا ما يحدث داخل البيوت وإن جلستَ معهم تشعر أنّك في مركز الشرطة للتحقيق.

أنا التي أُقدّس الخصوصية يتملكني نفور شديد من هذه الفئة، لا أستطيع التعامل معهم ولا مصاحبتهم.

من حقّ كُل إنسان أن يحتفظ بما يملكه في نفسه، وإن كان صديقا لكَ لا تُكثر عتابه لأنه لم يخبرك عن هذا الخبر وذاك فتقف في حلقومه، فضلا عن كونك غريبا.

كلما كبرتُ ورأيتُ ما حولي أُقلّص حجم أسئلتي، حتى تلك التي اعتاد الناس تداولها مثل: متى تتخرج؟ متى تنتقل؟ متى تزور فلانا؟.

قد تكون هناك غصص مخفية خلف هذه الأسئلة التي نُلقيها وإن كان بحسن نية، ربما الشخص مريض لا يستطيع التخرج قريبا، ربما ليس معه مال، ربما وربما، فلماذا نُثير الأوجاع ونحن نوقن أنّه لا يوجد بيت لا يعاني من وطأتها.


فالزم باب بيتك ولا تقفز إلى بيوت الآخرين، ودرّب لسانك على قول:"ليس لي دخل"




*ملاحظة: هذا الكلام في الأمور الشخصية التي لا يدخل فيها إنكار المنكر الظاهر.


٢٥/ شعبان/ ١٤٤٢


هناك تعليقان (2):

  1. ما شاء الله موضوع في منتهى الروعة يا ميعاد...بوركتِ

    ردحذف
  2. موضوع مهم يحتاج الجميع يقرأه جزيتي خيرا يا ميعاد

    ردحذف

بين طوفان ونفق

         بين طوفان ونفق يسيل طوفان من الدمع من أعيني الخائفة المترقبة وأنا لا أكاد  أغفو متمتمة بدعاء الاستوداع لأهل غزة، حتى يبدأ الرعب يطا...